-->

مات الحسين لنحيا


في العاشر من المحرم نستذكر المصيبة الكبرى التي حلت بأهل البيت قبل 13 قرنا وبضعة عقود، لأجلها نذرف الدمعة ونمشي في المسيرات ونرتدي السواد علامة على المواساة، ذلك أقل ما يمكن أن نقدمه للحسين وأهل بيته(عليهم السلام)
ولكن لا نقف عند أيام المحرم فقط نواسي أهل البيت!!..
عاشوراء ثورة متكاملة الجوانب خطت لنا منهجا ضد الظلم والفساد،والتقاعس عن اداء الواجب.
لا تجعلوا ثورة الحسين في حدود شهر محرم بل اجعلوها مسيرة لحياتكم في جميع الإتجاهات في الأخلاق والسلوك في الإلتزام الديني في احترام الأنظمة والقوانين في العمل الصالح الذي يرتقي بكم الى مصاف الأمم المتحضرة.
إستشهد الحسين ليخلد كمنهج حياة.. 
نحن بحاجة الى الحسين السيرة والمسيرة لا الى الحسين المشاعر الجوفاء الخالية من المسؤولية.
أخشى ما أخشاه و-أنا العبد الفقير- أن يتحول العزاء الحسيني الى فلكلور نؤديه سنويا من وحي التقليد الإجتماعي والعادة.
الحسين ثروة أخلاقية إنسانية سلوكية تحيي فينا قيمة الدين على المستوى الطقوسي وعلى المستوى السلوكي أيضا.
ما كانت ثورة الحسين للدمعة فقط وإنما هي نموذج فريد من نوعه للتغير الشامل والكامل على مستوى متطلبات الحياة المعقدة من علم وعمل. 
الشعار الذي رفعه الحسين في ثورته من خلال الوصية التي خطها بيراعه الشريف لأخيه إبن الحنفية (...ما خرجت أشرا ولا بطرا وإنما خرجت للإصلاح في أمتي جدي رسول الله.) والإصلاح هوعمل انقلابي بالكامل على المفاهيم المغلوطة للدين وعلى السلوكيات التي تركن الى الدنيا وتبرر للفساد وتصحح مسيرة المفسدين من حكام وغيرهم .الإصلاح لا يقتصر على مناهضة الحكام فقط وإنما يشمل أيضا محاربة النفس الأمارة بالسوء ومحاربة الخنوع والكسل والإستسلام والرضا بالواقع.
الحسين ثورة أمة وليست ثورة شخص أُغتصب حقه وظلم، وهذه الثورة برسم كل فرد في هذه الأمة
وعلى الجميع من غير استثناء -وكل من موقعه- تحمل مسؤلياته تجاه الواجب الملقى عليه. من يرى نفسه حسينيا ويحزن لمصاب الحسين ع مطالب قبل غيره بالإقتداء بالحسين الثائر على واقعه الفاسد، ومن يقف عند مصاب الحسين في أيام معدودات فقط من غير أن يُفَعِّل ثورة الحسين ع في حياته على مستوى السلوك والعمل هو مخادع لنفسه.
الحسين ع إستشهد من أجل الواجب الذي كان لا بد منه وترك لنا إرثا ثقيلا يتوجب علينا القيام به..
من دم الحسين المسفوك في كربلاء ظلما، علّمنا كيف نثور على الظلم والفساد من أجل التصحيح والسير بالمجتمع نحو الأفضل، ولا يكون ذلك إلا من خلال تصحيح سلوكنا ومفاهيمنا حول ثورة الحسين أولا. 
بإختصار ثورة الحسين هي ثورة تغيير شامل تبدأ بالذات وتنتهي بالمجتمع..


بقلم : الشيخ عبد الجليل عيادي
مات الحسين لنحيا Reviewed by shiatube on أكتوبر 05, 2017 Rating: 5

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.