-->

خطبة الجمعة | الشيخ عبد المهدي الكربلائي 17 11 2017




نص الخطبة الاولى

الحمد لله المتفرد بالكمال الاعلى فلا يماثله شيء ولا يضاده شيء، المستأثر بالجلال الاسمى فلا يدانيه شيء، المعبود لا لحاجة فيه الى عبادة مخلوق، المحمود لا لغاية يبلغها في حمد عبد مرزوق، اشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه واله صلوات تؤدي عنا حقوقهم وتسلك بنا في جميع الامور طريقهم.
اوصيكم عباد الله تعالى وقبل ذلك اوصي نفسي بتقوى الله تعالى، واوصيكم بالخلق الرفيع واقتفاء آثار نبيكم (صلى الله عليه واله وسلم) وسننه، واحرصوا على التخلق بأخلاقهم وسجاياهم واجتنبوا الخلق الدنيء الوضيع، واحذروا منه اشد الحذر وكونوا دائمي المراقبة بالله عز وجل الذي يعلم السر والجهر ويعلم ما تكسبون.
ايها الاخوة والاخوات عظم الله اجورنا واجوركم بذكرى رحيل النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) الذي يصادف في يوم الثامن والعشرين في يوم غد من شهر صفر, وبهذه المناسبة لا بأس ان نتحدث في جانب من جوانب عظمة النبي (صلى الله عليه واله) الذي ورد وصفها في القرآن الكريم (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ليس لدينا شخصية وصفت بهذا الوصف غير النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) ما احوجنا في هذا الوقت لتجاوز الكثير من المشاهد والنزاعات والازمات وان نعيش في سلم وامان وفي اجواء تسودها المحبة والمودة والرحمة وما احوجنا للتخلّق بأخلاق النبي (صلى الله عليه وآله). 
وقبل ان اذكر شيئاً من سمو شخصية النبي (صلى الله عليه واله) في سجاياه وعظمة أخلاقه، اود ان اذكر قضية معينة هي ان الاسلام من خلال نصوص القرآن الكريم والاحاديث الشريفة اهتم اهتماما بالغا بوضع نظام متكامل للأخلاق الانسانية الرفيعة، وحث على التمسك به، نجد من خلال بعض النصوص الشريفة ان الاخلاق الفاضلة جعلها الله تعالى الميزان الاثقل للمؤمن يوم القيامة، فالأمر الذي يجعل كفة ميزان المؤمن في حياته اثقل من غيرها هو التحلي بهذه الاخلاق الفاضلة، فقد ورد عن النبي (صلى الله عليه واله) (ما من شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من خلق حسن)، بل ان الاخلاق الرفيعة هي مفتاح السعادة للفرد والمجتمع بل هي مفتاح الدخول الى الجنة، ففي حديث شريف عن النبي (صلى الله عليه واله) عندما سؤل عن اكثر شيء يدخل الناس الجنة، قال تقوى الله، واضاف اليه وحسن الخلق فإضافة الى التقوى التحلي بالاخلاق الحسنة، فأي امة لا تستطيع النهوض بحضارتها ولا يستطيع اي كيان اجتماعي أن يرتقي الا من خلال التحلي بالاخلاق الفاضلة، فهي الاقوى تأثيرا في فتح القلوب والدخول الى المنغلقة منها والمستعصية على الايمان. 
لذلك في كثير من القصص والروايات التي تقرؤونها عن سيرة النبي (صلى الله عليه واله) والانبياء (عليهم السلام) جميعاً ان الكثير من الذين كانت قلوبهم مغلقة على الايمان بالله تعالى، فعندما يطرح الدين السماوي معارفه وافكاره ومناهجه، كان هناك نوعان من الناس، إما منفتح العقل والقلب - وبطبيعة الحال الانسان يملك عقلا وقلبا يستوعب الرسائل السماوية- فيؤمن بهذا الدين السماوي أو على العكس من ذلك، فمهما تطرح عليه من ادلة وحجج وبراهين قلبه مغلق ولا يؤمن بهذا الدين السماوي، فنجد ان النبي (صلى الله عليه واله) والانبياء الاخرين حينما يظهر منهم خلقا رفيعا يفتح -بمجرد ظهور هذا الخلق الرفيع والسامي- هذا القلب المنغلق والمستعصي فيؤمن بهذا الدين السماوي، لدرجة أن بعضهم أصبح فيما بعد نعم العون والساعد الايمن للنبي (صلى الله عليه واله) والانبياء جميعاً في نشر تعاليم الاديان السماوية، سواء كان الاسلام ام غيره.
فبواسطة الاخلاق الحميدة تحول حالة العداوة بين الاشخاص وبين كيان اجتماعي وكيان اجتماعي آخر، الى حالة الصداقة الحميمة والمحبة والوئام والانسجام قال تعالى (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ) كثير ما تتحول حالة العداء التي تكون بين شخص واخر الى الصداقة الحميمة من خلال التحلي بالاخلاق الفاضلة، لذلك من خلال دور الاخلاق في المجتمع يمكن ان يكون لنا الاهتمام والتوجه نحو معرفة هذه الاخلاق والتحلي بها من خلال ما نقرأه من سيرة النبي (صلى الله عليه واله) نستكشف مبادئ هذه الاخلاق والسجايا الحميدة التي يحتاج اليها الانسان كفرد ومجتمع،
من حق الانسان أن يتساءل عن معنى الآية (وأنك لعلى خلق عظيم) وعن العظمة التي تتحدث عنها ورد في بعض التفاسير ان (النبي صلى الله عليه واله) قد جمع مكارم الاخلاق وهي التي اعطته هذه الصفة، وكأنه الاخلاق في مفرداتها تختلف منزلتها في الرتبة والفضل بعضها يتقدم على البعض الاخر هذا هو الاسمى والارفع من الاخلاق، وسميت بمكارم الاخلاق، كالعفو عمن ظلمك وتصل من قطعك، وتعطي من حرمك، هناك اخلاق اخرى ولكن هذه الاخلاق الثلاثة التي وردت في هذه الاحاديث لها منزلة ورتبة وفضل على بقية الاخلاق .
ولنتعرف على بعض هذه الاخلاق خصوصا مكارم الاخلاق التي نحتاج اليها كثيرا في مجتمعنا وحقيقة الاحاديث تبين ان مفتاح الاستقرار والامن الاجتماعي والسعادة للفرد والمجتمع، فقد جمعت مكارم الاخلاق في اية قرآنية كريمة ، وهي قوله تعالى (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ) هنا الامام الصادق عليه السلام في صدد هذه الآية، فقد امر الله نبيه بمكارم الاخلاق، وليس في القران آية اجمع لمكارم الاخلاق من هذه الاية، ففيها ثلاثة امور واساسها هو ان يتحلى الانسان بأهمها وهو الحلم والعفو عن المسيء 
كثير من مشاكلنا ونزاعاتنا وكثير من الاختلافات يمكن ان تحل بواسطة هذه الصفة ويعيش المجتمع في استقرار وامن وسلام اذا كان الانسان منا يتحلى بهذه الصفة، ولكن في كثر من الاحيان صعبت على بعض النفوس، لوجود دافع التشفي والانتقام عند الانسان، فالانسان المؤمن يكظم غيضه يسيطر على انفعالاته وكثير ما يتعرض الانسان الى مواقف تؤدي الى انفعالات عصبية لديه فيرد بكلام اخر ويرد احيانا لربما بتصرفات أخرى لاسيما اذا كان هذا الانسان المعتدى عليه ممن يمتلك مقاما رفيعا ويمتلك القدرة على الانتقام من ذلك الشخص حين اذن تبرز وتنجلي هذه الصفة العظيمة، لذلك النبي (صلى الله عليه واله) عندما كان كفار قريش المشركون تمادون في الاعتداء والايذاء 
بتكذيبه ورميه بمختلف الصفات والاعتداء عليه وعلى
اصحابه بالتعذيب والتشريد والتجويع والطرد من مدينتهم ولم يكتفوا بذلك طوال ثلاث عشرة سنة، بل حينما انتقل الى المدينة المنورة لم يتركوه بل جمعوا وجهزوا الجيوش واخذوا يحاربونه في سبيل القضاء على دولته والمجتمع الاسلامي، ومع ذلك عندما يدخل المدينة اناس اعتدوا عليه واذوه وفعلوا الكثير من اجل القضاء عليهم، وكانوا يتوقعون منه ان ينتقم منهم، يقول النبي صلى الله عليه واله وسلم (يا معشر قريش ماذا تقولون وماذا تظنون ان افعل بكم قالوا نظن خيرا لاحظوا الجواب، فحتى اعدائه يظنون بالنبي خيرا لما رؤوه خلال فترة ثلاثة عشر عاما وكانوا يروه اخاً كريما وابن اخ كريم، واقول كما قال اخوة يوسف عليه السلام لا تفرض عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو ارحم الراحمين اذهبوا، فانتم الطلقاء.
هذه الملكة عند الرسول صلى الله عليه واله وسلم والتي جعلت القران يصفه بالخلق العظيم البعض منا يمتلك صفة الغيض والحلم والعفو عن الاخرين والعفو عن المسيئين، فيوجد الكثير من الاشخاص المؤمنين لديهم هذه الصفة، وما الفرق؟ لماذا اعطي النبي وحده من بين كل الشخصيات العظيمة هذه الصفة؟
النبي صلى الله عليه واله وسلم يملك هذا الخلق كملكة وسجية وصفة تصدر عنه من غير تكلف ومشقة، وبكل سهولة وبكل انسيابية وفي كل الحالات التي تكون فيها اساءة، واعظم الاساءات والإيذاءات، فلا يوجد انسان في الكون -حتى الانبياء والمرسلين- أوذي مثل ما أذوي النبي صلى الله عليه واله وسلم قط، وفي كل حالات الإيذاء التي تعرض اليها من دون استثناء -غير حالات التعدي على الشريعة الاسلامية - يقابلها بالعفو والتجاوز عنها بكل سهولة ويسر لا يكلفه هذا الخلق بمشقة وعناء، هذا الفرق بيننا وبين النبي صلى الله عليه واله وسلم.
ومن الصفات الحميدة ولكي ينجح الانسان في الحياة سواء كان انسانا مؤمنا عاديا وان كان انسانا يتصدى مسؤولية او اي هدف في الحياة عليه بالصبر، وللصبر أنواع كالصبر على الطاعة والمعصية والنائبة والبلاء وتجاوز مشاكل الحياة وازماتها للوصول الى الهدف المقصود، هذه مسالة مهمة وكل انسان لديه هدف في الحياة وله امنية وكل إنسان يواجه صعوبة ومشاكل اجتماعية أو تعليمية أو اقتصادية وغير ذلك من هذا الازمات، وهذا معنى الصبر، ان منزلة الصبر من الايمان منزلة الراس من الجسد، والجسد بلا راس لا خير فيه، كذلك الانسان المؤمن لا خير في ايمانه من دون صبر، هذه هي اهمية الصبر التي نحتاج اليها في حياتنا.
ومن الصفات المهمة التي كان يمتلكها النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) هي التواضع هذا الخلق الرفيع العظيم وتجسد فيه اعظم تجسيد 
فحينما يكون الانسان اعظم انسان في الكون وتوجد فيه بعض الدواعي للترفع والتكبر، فكان اكثر انسان في الكون تواضعاً هو النبي صلى الله عليه واله وسلم.
لذلك تجد النبي لا يخجل لا يستحي من ان يرقع ثوبه وان يخسف نعله، ويدعوه مملوك وخادم الى الطعام فيجلس معه، وهذا النبي الذي يملك مالا وجاها وسلطة ومقاما اجتماعيا عاليا، دعاه انسان بسيط يلبس ملابس رثة هيئته هيئة انسان بسيط جداً مهنته مهنة وضيعة يجلس على حصير ويأكل شيئا من الطعام البسيط، لذلك ورد في الكثير من الاحاديث الشريفة الحثُّ على هذا الخلق الذي يؤدي الى الألفة والمحبة والتعاون والتفاهم بين الجميع زيادة على رفعة الانسان مقامه ومنزلته الاجتماعية وعلى العكس من التكبر فهو الذي ينزل من قدر الانسان وكل ازداد الانسان تواضعاً ازداد رفعة ومقاماً بين الناس، لذلك ورد في الاحاديث من تواضع لله رفعه تعالى، كذلك ورد في بعض الادعية خصوصاً دعاء الامام السجاد عليه السلام حينما يدعو في دعاء مكارم الاخلاق يطلب من الله تعالى كلما ازداد رفعة لدى الناس يزداد ذلاً وتواضعاً في ذات قلبه والحفاظ على حالة التوازن ومقام الاحترام والتقدير لدى الناس، حين اذن نعرف هذه الصفة ونتعلمها من النبي صلى الله عليه واله وهكذا بقية الصفات التي وردت عن النبي و ما احوجنا ان نتخلق باخلاق النبي للوصول الى الاهداف التي ذكرناها، نسال الله تعالى ان يوفقنا لنقتفي اثاره ونتبع سنته انه سمع مجيب. 
بسم الله الرحمن الرحيم ( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (4) ).
 
نص الخطبة الثانية
ايها الاخوة في الخطبة الثانية الى تتمة موضوع مقومات المواطنة الصالحة..
من هو المواطن الصالح؟ ما هي المقومات والمبادئ التي لو التزم بها المواطن اصبح مواطناً صالحاً؟
المواطن الصالح بتعبير بسيط المواطن الذي يكون مصدر خير ونفع، المواطن الذي يساهم في البناء والتطوير والتقدم والازدهار، المواطن الذي يتعايش مع بقية المواطنين بسلام ومحبة، المواطن الصالح في قِباله المواطن الطالح، ذلك المواطن الذي يكون مصدر شر وضرر وايذاء للاخرين، المواطن الذي يتقاعس ويتوانى عن المساهمة في اعمار وتطور بلده، المواطن الذي يكون تعايشه مع الاخرين مصدراً لتهديد السلم المجتمعي الاهلي، هذا في قِبال هذا..
المواطن الصالح يحتاج الى مقومات ومبادئ حتى يمكن ان يتحلى بهذه الصفة الطيبة التي حثّت عليها الكثير من الاحاديث الشريفة..
وهنا اود ان اركز على نقطة مهمة وهي ان كل هذه المبادئ مع قطع النظر عن ان الدولة والحكومة تؤدي مسؤولياتها تجاه المواطن وتؤدي حقوق المواطن ام لا، مع قطع النظر عن ذلك، انما نعني بالمواطنة الصالحة نوع من الالتزام من المواطن تجاه وطنه وشعبه، هذا الالتزام هو الذي يمثل مسألة المواطنة الصالحة، البعض يقول طالما انا لا انال حقوقي اذاً انا لا اؤدي هذه الالتزامات، هذه مسألة اخرى.. على المواطن ان يؤدي ما عليه امام الله تعالى هو مسؤول امام بلده وشعبه مع قطع النظر عن ذلك الامر.. اداؤه لهذه الالتزامات والواجبات تمثل مرتبة المواطنة الصالحة التي فيها نفع للجميع لنفسه وللاخرين.. عدم الالتزام بها اضرار لنفسه وللاخرين..

وذكرنا اربع مقومات لا بأس بأن نذكرها اختصاراً:
المبدأ الاول: الحس الوطني والشعور بالمسؤولية، كل حسب اختصاصه وموقعه ووظيفته.
المبدأ الثاني: اكتساب ثقافة المواطنة الصالحة.
المبدأ الثالث: احترام الانظمة والقوانين العامة التي شرّعت بما فيها مصلحة عامة للمجتمع ورعاية هذه القوانين والانظمة والالتزام بها سواء كان في مجال الامن او الصحة او التعليم او الخدمات البلدية او غيرها.
المبدأ الرابع: الحفاظ على الاموال العامة والتي يسميها البعض اموال الحكومة، هذه في الواقع كما ذكرنا سابقاً ليس لها كما يتصور البعض انه لا مالك لها، هذا ليس صحيحاً، هذه الاموال العامة هي ملك للشعب كله فالاستحواذ عليها بغير وجه حق يعتبر سرقة من كيس الشعب، هناك سرقة من شخص او مواطن اخر، الانسان الذي يستحوذ على المال العام بغير وجه حق كأنه سرق من الشعب كله والشعب كله يكون خصمه.. وهذه الاموال سواء كانت في شارع او مدرسة او دائرة او غير ذلك فالاستحواذ عليها يمثل سرقة من كيس الشعب، استعمالها في غير الوجه الصحيح والمقرر قانوناً يعتبر اضراراً بمال الشعب، لذلك يجب الالتفات الى هذه المسألة بخصوص الاموال العامة وكيف يكون تعاملنا مع هذه الاموال العامة.

ايضاً من المبادئ المهمة للمواطنة الصالحة:
-حل المشاكل والنزاعات والاختلافات مع الاخرين بالتفاهم والحوار وان طال هذا التفاهم من اجل الوصول الى حل لهذه المشكلة:
 المواطن الصالح هو الذي يبتعد عن اسلوب العنف والتهجم والتجاوز على الاخرين حينما يكون لديه نزاع واختلاف ومشكلة مع الاخرين، اخواني اذا حصلت مشكلة بيني وبين شخص اخر ونزاع عليَّ ان اعتمد اساليب متعددة ابدأ اتفاهم معه واتحدث معه واتحاور معه.. ان لم ينفع اُدخل اشخاصاً اخرين من اهل الحل والرأي والعقل ممن لهم مقام اجتماعي مؤثر ادخله في محاولة لحل المشكلة.. ان لم ينفع الجأ الى الاساليب القانونية..
اما في كثير من الاحيان وللاسف الشديد في امور تافهة وبسيطة يلجأ الفرد الى استخدام اسلوب العنف والتهجم على الاخرين من اجل حلّ هذه المشكلة وابراز عضلاته..
هذا المبدأ لابد ان نعتمده اولا ً في البيت وفي داخل الاسرة ثم في السوق وفي الشارع وفي المدرسة وفي الدائرة وفي الاماكن العامة سواء اكان هذا الاختلاف والنزاع بين شخص وشخص اخر او بين كيان اجتماعي وكيان اجتماعي اخر..
احياناً تحصل نزاعات بين العشائر وللاسف الشديد.. اخواني اوجّه الكلام من هذا المنبر كثير من المواطنين في بعض المحافظات يشتكون كما نقل لي البعض بسبب فرس يعود لشيخ عشيرة قُتل اربعة اشخاص!! هل هذا يُعقل؟! هل هذا من مبادئ الاسلام! بسبب نزاع على مساحة من الارض بسيطة.. يُقتل عدة اشخاص!! الاسلام بعيد عن هذه الاساليب..
اخواني في حالة حصول اختلاف بيني وبين الاخرين لا الجأ الى الشدّة والغلظة والخشونة في حل المشكلة.. يمكن بالحوار والهدوء والتفاهم ان تُحل المشكلة بدل من ان الانسان يغضب وينفعل ويستعمل اسلوب عنيف قد يؤدي الى الضرب او القتل او الجراح او الى مشاكل لا تنتهي..
فالمواطنة الصالحة تتطلب ان نلجأ الى اسلوب التفاهم والحوار لحل هذه المشاكل والنزاعات..
- ان يكون المواطن حريص على اقامة علاقات المودة والمحبة والاحترام للاخرين وكذلك التعاون مع الاخرين حتى نصل الى هذه النتيجة..
هناك اساليب في مقابل هذا تؤدي الى تعكير صفو العلاقات بين ابناء الوطن الواحد مثلا ً الان وارجوا الالتفات.. مع وجود مواقع التواصل الاجتماعي وغيرها سوء الظن بالاخرين والاتهام للاخرين والتسرّع في الحكم على الاخرين خصوصاً احياناً مثل هذه الامور تحصل مع اصحاب العلم والدين واصحاب المقامات الرفيعة.. كثيراً ما تقرؤون في بعض صفحات التواصل الاجتماعي اتهامات وافتراءات ويرمى اناس اخرين بمختلف الصفات وهم بريؤون منها وتُنشر بعض الاخبار الكاذبة عن اشخاص وهم بريؤون منها وربما يصل هذا الكذب وتشويه السمعة الى ملايين الاشخاص.. فوسائل التواصل الاجتماعي تصل الى الاف الاشخاص بل اكثر من ذلك.. ربما احياناً الانسان يتسرّع يرى في بعض الصفحات ان فلان ارتكب كذا او فعل كذا او قال كذا وهم لم يقل ولم يفعل.. وسارع الشخص ونشر هذا الامر في وسط من يتصفح هذه الصفحات.. كيف سيتدارك هذا الامر فيما بعد؟! كيف سيجيب يوم القيامة؟! هذه الشخصية التي اٌسقطت اجتماعياً في نظر الاخرين كيف يُصلح هذا الحال؟!! وفيما بعد قد هذا الانسان يعرف ان فلان هو الذي تكلّم بهذا الكلام وهو الذي نسب اليه.. فاصبحت العلاقة علاقة عداوة وبغض واحقاد وقد تمتد الى عشيرته والى قومه وتصبح علاقة العداوات والتي قد تتطور..
اخواني لابد المواطن الصالح هو الذي يبتعد عن أي طريقة او اسلوب يؤدي الى ان تكون العلاقة بينه وبين الاخرين حالة وعلاقة العداوة والبغضاء خصوصاً في التسرع في الحكم على الاشخاص الاخرين او ينسب اليهم افعال لم يفعلوها او ينسب اليهم سلوكيات وافعال لم تصدر منهم خصوصاً ما يتعلق هذا الامر باصحاب المقامات العلمية والدينية والاجتماعية..
الاسلام اوصى بادامة علاقات الحب والاحترام بين افراد المجتمع حتى يكون المجتمع قوياً.
-ان يُحب الانسان للاخرين ما يحب لنفسه ويكره للاخرين ما يكره لنفسه:
وان يحترم ويوقر الصغير للكبير وان يرحم الكبير الصغير وان يكون هذا في كل مكان في الاماكن العامة او الدوائر الحكومية او غير ذلك..
- التقدير والاكبار للاشخاص الذين يؤدون وظائف محترمة ومهمة في المجتمع مع قطع النظر عن ان البعض من هذه العناوين يصدر منها تقصير لكن هناك عناوين خدمتها في المجتمع مهمة وخطيرة وحساسة.. علينا ان نحترم اصحاب هذه المهن لدورهم في المجتمع كالاطباء والمعلمين والمدرسين واساتذة الجامعات او المفكرين او الادباء او اصحاب المهن الذين يؤدون من خلالها خدمات مهمة.. قد ان البعض يقصّر هذا شيء آخر لكن بصورة عامة احترامهم احترام للعلم والفكر والثقافة والمعرفة ونعتز بمن لهم خدمة طويلة في هذا المجال فالمعلم القديم نعتز به والطبيب القديم نعتز به والاخرين كذلك فهؤلاء لهم حقوق على بقية المجتمع.. في مثل هذا المجتمع سيكون للعلم والثقافة والمعرفة والادب احترام كبير وبالتالي هذا المجتمع سيصبح مجتمعاً معروفاً بهذه الصفة.
- الحفاظ على البيئة والنظافة في مختلف مجالاتها:
احد الامور التي يقاس منها تحضّر المجتمع هي الحفاظ على البيئة والنظافة، من الصعب ان شعب له تاريخ عريق وحضارات عريقة تجد شوارعه واسواقه والاماكن العامة فيه وسخة، اخواني من مقومات المواطن المؤمن الصالح ومن حقوق الاخرين علينا ان نحافظ على كل مكان في بلدنا في الشارع او المدرسة او الدائرة او الجامعة وكل مكان.. لا يقول قائل هذه ليست وظيفتي وهذه وظيفة الدائرة الفلانية فانا اوسخ الشارع واوسخ السوق وهذا العامل يجب عليه ان يأتي وينظف الشارع والسوق..
اخواني النظافة ومرتبة النظافة في البلد والرجاء الالتفات الى هذه القضية سواء أكان في الايام العادية او ايام الزيارات.. ما يعكس ايمان الفرد كمواطن ومجتمع وما يعكس حضارة الفرد والمجتمع هو مدى محافظته على النظافة.. هذه مسألة لها قيمة كبيرة في نظر الاسلام والمجتمع والمواطنة الصالحة..
لذلك علينا جميعاً كمواطنين ان نحرص جداً على نظافة الشارع وعلى نظافة البناية التي نحن فيها وعلى نظافة المدرسة والجامعة والاماكن العامة ونحافظ على المساحات الخضراء وان نزيد منها.. فالمحافظة على المساحات الخضراء وغيرها فيه نفع للجميع.. فانا حينما لا احافظ على نظافة الشارع او البناية او الاماكن العامة اضر نفسي واضر الاخرين حيث فيه ضرر للجميع وحينما احرص على النظافة ونظافة البيئة نفعت نفسي ونفعت الاخرين..
لذلك اخواني من الان الذي نأمله من الجميع المحافظة على هذا المبدأ من قبل الجميع وفي كل الامكنة لان الاسلام حرص على هذا الامر ويعكس مدى ايمان هذا الانسان فرداً ومجتمعاً..
نسأل الله تعالى ان يجعلنا دائماً ان شاء الله من المواطنين المؤمنين الصالحين الذي نكون مصدر خير ونفع للمجتمع انه سميع مجيب.. والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
خطبة الجمعة | الشيخ عبد المهدي الكربلائي 17 11 2017 Reviewed by shiatube on نوفمبر 18, 2017 Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.